الصفحات

الأربعاء، 6 يوليو 2011

ما زال في قلبي ثقوب


أجلسُ الساعة إلى الموْقد , أحتضنُ جسدي المرتعش
ويتراءى لي عبرَ زجاجِ الشبّاكِ مطرٌ خفيف يضلل ما واراه ..
وعلى الغصنِ البعيد يصوِّت دوريّ ,
يبذرُ في الحلقِ غصَّة ..لـِ تنبتَ حُرقة
فتحتبسُ في الصدرِ " آهة " ,
وينفرجُ في القلبِ ثقبْ !
أطوِّق عنقي بيديّ .. أهدهدُ للغصَّة ,
وأهمسُ لي لأكون أقوى
هكذا علمونا ..أن نشدّ على جراحنا ونبتسم
وأننا إذ نبتسمُ نصيرُ " الأقوى " ,
وأن الصمت حصون الروح المشيّدة , والدمع عوراتها
وما أخبرونا أن حصوننا مخترقة أبدًا ببصائر الطيبين !
وكانوا يقولون لنا أنهُ شأن الحياة على" كلِّ "حال ..وأننا لا شأن لنا في" أيِّ "حال !
.وأنَّ العهد بيننا وبينها إن لسعتنا سياطها
أن نظلّ صامدين كجذوع النخل !
حذَّرونا بأنّ الضعفاء وحدهم سيُخرجون منها \ سيُقَطَّعون حطبًا للمواقد !


أعاود تحسس عنقي , الغصّة تتفشى أوسع \ أسرع :
ثمّة بكاء غريب يحاصر حنجرتي ,
يخاصر الغصّة .. وعلى لحنِ اللغة ..
تتعانق المعاني .. والقوافي تلثم هزيع الخوف الأخير ..
ويبقى بكاء معتوه يحاصر حنجرتي ,
كم أشفقُ على البكاء أنا , فلطالما ألفيته مذبوحا بخناجر الحناجر !


والبكاء يا سادة حالة فسيولوجية معقدة , حيث تقول مصادر " موثوقة " بأن الإنسان يبدأ بالبكاء قبل ولادته
منذ الشهر السابع في بطنِ أمه تحديدا , وأن بكاء الأجنّة يشبه بكاءنا غير أنه لا دمع معه !
وأن شريط الحياة أيضًا يقصّ بصرخة ..جافة من الدمع !
هكذا قالوا والله أعلم !


وقديمًا حكى لي صديق أنَّ دمعَ البدايات أقصوصة وحكاية , والعين قاصٌّ حذق , وحاكٍ فطن ..
والشتاء مواسمٌ : للمواقد ..للعشقِ ..للتيه ..للتعفن على الأسرّة البيضاء ..ولـ " حمض الأوبسيسك " الذي تدين له الأشجار بالكثير !
كما يذكر كتاب العلوم ويؤكدُ لي في كل مرة "أعيد" فيها "حفظ " الدرس أن الموت جزء لا يتجزأ من الحياة
وأنه مرحلة مكمّلة لها تماما ..., وليسَ كما يدّعون بأنه الوجه المخاتل لعملتها !
وأن الخريف ليس إلا نقطة في دائرة الفصول !


أبكي بكاء جافًا لأجل من ماتوا .., وأتذكر :
جدي لم تتساقط أوراقه قبل أن يموت , مات وبقيت أوراقه في محجري , وفي كلِّ يوم أسأل كتاب العلوم عن موعدِ الشتاء , وأقول له أن أوراق ذكره لا تبرح تمتص ماء عيوني وأن حمض الأوبسيسك لم يوافها في محجري مذ مات !
فيضحك الكتاب , ويخبرني أن جدي دائم الخُضرة !


ماتَ جدي قبل أن يخبرني بأن دمعَ الحزنِ مقطوعةٌ من رواية لا تكتمل ,
والعينُ ممثلةٌ فاجرة تعريهم في دواخلنا
وتعرينا أمامهم , فاحشةُ التوغل في التفاصيل الموجعة !
باهرة القدرة على تخزينها .
لم يخبرني أن الوجه خشبة مسرح بإضاءة ذكية , والشفتين ستار!
وأننا إذ نتكلم ينفرج الستار عن ظلمةِ كواليسنا , تنكشف القذارة ويفوح عطن الجثث المتفسخة في قلوبنا
فتصفق الأبواب بحرارة ... ويغادرُ الجمهور !


.
.
" لستُ حزينًا بما يكفي لأرثوك جدي اليوم , لكني سمعتُ من أحدهم أن البكاء مفيد للعمليات الاستقلابية
ولأشياء كثيرة لا يهمّك أن تعرفها _ لأن الأموات ببساطة لا يستفيدون من الخدمات المخصصة للأحياء ! _
, ولم أحزن عليكَ مرة كما يليقُ بك , بـ " الشيخ مصطفى "
ولم تزل دكانكَ يا جدي تعمّق في القلب ثقبًا قديمًا , حتى وحرصًا على قلبي من الإهتراء
, سارعت " الحكومة" لهدمها !
جدي حسبي أن تعرف أن رواجعَ ذكرك تنسكب في الروح " مصابيح ", وأني أذكرُ منك ابتسامة طريّة وركبة متورّمة
وهمهاتٍ جليلة " الله .. الله .. الله "
متّ جدي .. والموت جفّفك جيدًا ..فلا يبلك اليوم بكاء .. ولا ينفذ إليك دمع "

.
.


لكنني في أحيانَ كثيرة أبكي , وأخبرهم أنه كان صامتًا أبدًا , لا تفارقُ كفه سبحته , وكلما اقتربتُ منه اسمع " الله .. الله .. الله "
فأعرفُ أن دمع النهايات كلامٌ مكسَّر , والعين حوذيّ حقير .. وقينيّ جاهل ..
الوجه كثيبُ رمال ..تذروهُ الريح بكلِّ اتجاه , والكلام إبل طاشت في "نفود" السماء ..!
فتختنقُ في الصدر "آهة " ,
ويتنفسُ في القلب ثقب !
وكلما صمت الصدى أبكي ليرتعش الغمام وينهمر مطر !
ومن الشباك تبتسمُ شجرة , يحطُّ على كلِّ غصن عصفور , ويصفّر كلّ عصفور لحنًا ..
وهناك يصفعني وجهان , وجهٌ أحبّه ووجهٌ عجزتُ أن أكرهه .
يُؤخَذ قلبي بالرّجفة ..
فيهتزّ في حنجرتي وتر ..وينساب لحن :
"الصمتُ حصون الروح المشيّدة , والدمع عوراتها . "

و تنثرُ ذاكرتي على "نفود" صدري حديثًا لجدي خبأها الزمان في "فخّارةِ " قلبي عن أن الرجال " كائنات أسطورية "
وجوههم حصون .. عيونهم أسوار شاهقة
وشفاههم أبوابها ..وكلامهم جندٌ لا ينثني لها عزم !
حدّثني جدي واندثر , فقد كان رجلاً ,قتلهُ كلامه !


للموقد ..

السبت، 25 يونيو 2011

ساءت ملامح الزمن كثيرا .. لـ شهرزاد

ساءت ملامح الزمن كثيرا !


1

ساءت ملامح الزمن كثيرا !

فالجدران التي كنا نلطخها بالطباشير والفحم / بفرح !
أمست تُلطخ بالدم / بحزن !

وقوم لوط !!!
أمسينا نطلق عليهم
(جنس ثالث )
والمتشبهات من النساء بالرجال واللاتي لعنهن الله
نطلق عليهن
( بويات )
ونتعامل مع الكبائر على أنها
( حالات نفسية )
وعلماء دين ونفس واجتماع
يناقشون ويحللون !

عفواً / ماذا تناقشون ؟

رجال يمارسون اللواط ونقول ..... أسباب نفسية !
آباء يغتصبون بناتهم ...... ونقول أسباب نفسية !
أبناء يمارسون العقوق بأبشع صوره ..... ونقول أسباب نفسية !
فتيات يمتهن ( الدعارة ) ..... ونقول أسباب نفسية !

وأمست الحالة النفسية
/ شماعة زمن بشع !


2
في طفولتنا كانت لعلبة الألوان
وكراسة الرسم متعة مابعدها متعة
فالرسم كان بمثابة
( الكمبيوتر / والنت / والبليستيشن )

وفي طفولتنا كانت القنوات التلفزيونية
مدرسة من مدارس الحياة
وكانت هناك ثوابت لاتتغير بها

المسلسلات العربية المحترمة
والتي كان لايصلنا منها إلا الصالح
لان رقابة التلفزيون في ذلك الوقت
كانت لاتتجاوز الخطوط الحمراء
و كانت تحمل في أجندتها ماتحرص على احترامه
بدء بالدين وانتهاء بالعادات والتقاليد

فكانت مشاهد ( العُري ) تُحذف
ومشاهد ( الرقص ) تُحذف
ومشاهد (القُبَل) تُحذف
و( الألفاظ البذيئة ) تُحذف
وكان وقت الأذان مقدّس / ويليه فترة استراحة للصلاة

والآن ؟ ماذا تبقى من إعلام ذلك الزمان ؟
مشاهد رقصٍ وعريٍ وقُبَل
واعلانات مخجلة
ومذيعات كاسيات عاريات !

فأما أن تكون المذيعة ( رجل ) تناقش وتحاور في المواضيع السياسية والرياضية بحدّة
وأما ان تكون ( دمية ) تتراقص وتتمايل
بملابس أقرب ماتكون لملابس النوم
ليسيل لعاب الرجال خلف شاشات التلفاز !
وينهار من جبال الأخلاق ماينهار !
إلا من رحم الله !

3

أتراه زمن أسنمة
البخت المائلة ؟
والنساء المائلات المميلات؟

في الماضي الأجمل !
كان بن الخامسة عشر ي
حمل السيف ويفتتح البلدان
ويتحدى البحر في زمن الغوص من اجل لقمة العيش

واصبح بن الخامسة عشر في زماننا
مراهق يمر بمرحلة خطرة
ولابد من مراعاة مشاعره
ولابد من الانتباه اليه
وتتبع خطواته حتى لايزل
وان أخطأ فهو
( حَـدَث )!
ولايعاقبه القانون!

وابنة الخامسة عشر
كانت في الماضي زوجة صالحة وام
على مستوى عال من المسؤلية

وأصبح زواج ابنة الخامسة عشر الان
فعل يقترب من الجريمة
فهي طفلة لاتتحمل مسؤلية نفسها
وقراراتها خاطئة ومشاعرها نزوة مؤقته
تتغير حين تصل مرحلة البلوغ !

ابنة الخامسة عشر في الماضي كانت
ام تربي اجيال

وابنة الخامسة عشر في الحاضر
مراهقة
إن لم نسخر حواسنا الخمسة
في مراقبتها ضاعت


ساءت ملامح الزمن كثيرا !
شهـرزاد